الرئيسية - فنون - مسلسل «الزند ذئب العاصي» يعيد الدراما السورية إلى الصدارة

مسلسل «الزند ذئب العاصي» يعيد الدراما السورية إلى الصدارة

الساعة 04:03 صباحاً (خليجي نيوز - خاص )

المسلسل السوري " الزند ذئب العاصي " الذي دارت احداثه بصريا على قناة mbc دراما ضمن الأعمال الدرامية الرمضانية لهذا الموسم " 2023- 1444ه‍" الأكثر مشاهدة عربية و حظي بدعم المتلقي مدحا وثناء ، ويقود الدراما السورية إلى الصدارة مرة أخرى بعد أن كاد نجمها يأفل خلال عقد من الفوضى و الاحتراب ، و لان هذا المسلسل تميز و اخذ حيز كبير من اهتمام المتلقي العادي و النخبوي فلابد من التحدث عن هذا العمل بالقدر الذي استطعنا استدراكه . 

 

بقية الخبر أسفل الروابط التالية:

الأكثر قراءة:

«فأصبحت كالصريم» اكتشاف موقع أصحاب الجنة التي أحرقها الله عقاباً لأصحابها، شمال صنعاء اليمن -صور  

المعنى الحقيقي والمقصود بكلمة (واضربوهن) في القرآن الكريم؟ (سقط الكذب) 

أشخاص ملحدون وضعوا طفلهم فى زيت مغلي عند ولادته ليروا كيف سينقذه الله فجاءهم الرد كالصاعقة!! ستبكي 

لا تتلف جهازك التناسلي .. تجنب هذا الخطأ الكارثي الذي يرتكبه الكثير 

العثور على فنانة مصرية ميتة وهي ساجدة في الحرم النبوي الشريف -صور   

تهز الوسط الفني.. القبض على فنانة شهيرة تمارس الرذيلة مع شاب على سرير زوجها المخرج 

احذر وبشدة.. «القاتل الصامت» الموجود في كل المنازل ويدمر الدماغ.. لن تصدق ماهو 

بالفيديو - عروس تحدث جدلاً كبيراً في تونس.. بعدما قررت الإحتفال بزفافها بالبيكيني وأدت رقصة الـ ستربتيز (آخر شخلعة) 

خطير للغاية.. خلايا الحوثي تصطاد قيادات الشرعية من الكباريهات وشقق السهرات في القاهرة بهذه الطريقة  

لون لسانك يدل على هذه الأمراض في الجسم .. اكتشفها قبل أن تندم. تفقد حياتك  

توفت زوجته أثناء الولادة دفعه ان يتزوج صديقتها الطبيبة التى ولدتها.. وفى ليلة الدخلة اكتشف مفاجأة قاتلة جعلته ينهار 

وجبة ما قبل الجماع.. د.هبة قطب تنصح بتناول هذه الأطعمة11 

====================================

773

*زمن حكاية العمل* : 

القرن التاسع عشر ابان الحكم العثماني على بلدنا العربي سوريا ، وفي ذلك الزمن أصدر الباب العالي العثماني حزمة من القوانيين لتنظيم ملكية الأراضي في الساحل السوري عرف ب "الطابو " هذا الاجراء أعطى مجموعة من المتنفذين و الاقطاعيين الاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي التى لم يتم تسجيلها وإثبات ملكيتها و ضاع العديد من المزارعين والملاك الصغار بين جشع الاقطاعيين ، و طمع الحاكم الذي اتجه نحو نهب الأراضي ، و ضمها لأملاكه الخاصة شكلا ، أما مضمونا فقد كشفت الحكاية أنه كان يشتري البعض ، ويستولي على مساحات أخرى من أراضي الأهالي ، لصالح المد الاستعماري الانجليزي الذي توسعت شهيته الاستعمارية على حساب الانكماش العثماني في ذلك الوقت ، ورغم الظلم و التعسف والترهيب الذي استخدمتها سلطة الحاكم و المتنفذين على طبقة البروتاريا و الكادحين المستضعفين من أهالي الساحل السوري، إلا أنه بقي مجموعه من الأهالي لم يرضخوا لهذا الظلم و القهر ، و نهب الممتلكات ، و حاولوا أن يقفوا ضد تيار الظلم الجائر ، ومن هؤلاء والد "عاصي الزند " ، الذي أرسل حاكم البلده "نورس باشا " أحد رجاله ويدعى "ادريس " ، للإستيلاء على أرضيته بمبرر قانون " الطابو" المستحدث ، ولكن والد عاصي قاوم رجال الحاكم ، وحاول قتل ادريس بطعنه سكين في عينه ، إلا أن الآخر لم يمت ، و قتل ادريس والد عاصي أمام أعين ابنه عاصي وكان حينها طفلا ، من هنا بدأ " عمر ابوسعد" مؤلف العمل الحكاية باول فعل درامي موغل في التراجيديا ، لينطلق منه إلى سرد الأحداث ، بعد مرور نحو عقدين من الزمن ، يعود" عاصي الزند " الذي يقوم بدوره النجم السوري " تيم الحسن " إلى بلدته بعد أن أكمل خدمته العسكرية ، مبيتا أخذ الثائر لوالده، والانتقام من القتله ، يلتقي شقيقته المتبقي الوحيد من أسرته ، وتروي له ما حل بها ، و أسرته و أهل بلدته اثناء غيابه ، و من هنا سير الكاتب احداث حكايته ، و تشعبت الأحداث و تطورت ، بايقاع متوالد متزن ، و ايقاع سنفوني درامي جميل، وتدفقت الأفعال الدرامية ، و ردود الأفعال ليصل إلى الصراع المتصاعد ، وفق حبكات متوالية تشد المتلقي ، وتحفز عنصر التشويق ، و المثابرة على حضور العمل ، و التماهي مع شخصيات ، و متابعة أحداثه .

 

*الفضاء الدرامي للعمل* : 

منطقة حوض العاصي وسهل الغاب، المنطقة الواقعة بين شرق جبال اللاذقية ، وساحل سوريا جنوب جسر الشغور ، هذه البقعة الجغرافي هي مسرح عمليات احداث المسلسل واقعا ، وبالوقت ذاته الفضاء المتخيل افتراضيا للبيئة نفسها في القرن التاسع عشر .

 

*من اسباب نجاح العمل* : 

 

- يرجع نجاح العمل برأيي الشخصي، إلى انتقائية الموضوع ، و أهمية هذا الموضوع في الوقت الراهن، الذي تشابكت فيه الأحداث دراماتيكيا ، و لان هذا الموضوع وقع في يد كاتب متمرس مثل "عمر ابو سعدى " ، متمكن من أدواته ، ومتقن علم تجويد فن الكتابة الدرامية ، نسج من مفردة تاريخية ، بناء مرصوص من الأحداث و الحبكات المتوالدة المتتالية ، فما أن تنهي حبكة و تتكشف أسرارها ، تظهر حبكة أخرى تتلوها ، وبايقاع تصاعدي اقوى وامتن من الحبكة التى سبقتها ، لتظهر احداث المسلسل مترابطة، محكمة الصنعه ، تشد المتلقي من اول فعل درامي ، الى آخر ردة فعل ، دون تراخي أو ممل ، أو تفكك في البنية ، أو فراغات بينية قد تهبط ايقاع العمل .

ايضا استطاع الكاتب استحضار البطل الشعبي ، ممثلا في "عاصي " و بأسلوب جديد و مركب ، بعيدا عن التقليد ، قريبا للواقعية دون أن يسهب في الفنتازيا ، حيث جعل من البطل الشعبي الشخصية المثلى المنتظره، التى لا يحبذ المشاهد غيابها أو الانتقاص من حقها ، أو أن تكون في موطن الضعف ، وحقق الكاتب رغبة المشاهد العربي في حب الانتصار، وروح الفزعة ، و رفع الظيم ،و الانتقام العادل، الذي يتطلع في الوصول إليه .

 

*لغة النص الجميلة*

 التى كتبت بعناية و دراية ، نابعة من بيئة العمل بواقعية تامة دون تصنع أو زيف ، او اضافه عناصر دخيلة ، لا تنسجم مع المنظومة المتكاملة لبناء النص ، فظهر العمل كلوحة موسيقية متقنة ، لا مجال للنشاز فيها .

 

*نجوم العمل*

 سبب آخر من أسباب نجاح العمل فوجود النجم العربي " تيم حسن " في العمل بنجوميته المهوله جعل للعمل صدى كبير جماهيريا ، وكذا وجود استاذ فن التمثيل في الوطن العربي " فايز قزق " جعل للعمل ثقل، فكل دور يقوم به عباره عن دروس في فن التمثيل، فالحضور الطاغي المميز للسيد قزق منح العمل قيمة كبيرة على المستوى الجماهيري العام والنخبوي . 

و للنجمة المتألقة " دانا مارديني " مساحتها المدهشة في هذا العمل، صنعت التوازن في الثقل الدرامي الذي حازت عليه الشخصيات الذكورية القوية ، لتظهر بنفس قوتهم و حضورهم ، لتكون خط متوازي مع شخصياتهم و تتقاطع مع تلك الشخصيات عندما يضعف دور المرأة، لتعيده إلى نصابه ، ممثله رائعة متمكنه ، تستحق نيل النجومية العربية بجدارة ، كذا النجوم الجدد، الذي كان لهم حضور مشرف للدراما السورية ، ك " انس طيارة - جابر ذو خدار - مجد فضه " لهم نصيب في الوصول إلى ذروة النجاح ، و بقية نجوم العمل، اركان أساسية ساهمت في صعود العمل ودفعت به ليكون في الصف الأول على مجمل الأعمال الدرامية في هذا الموسم .

 

- *رؤية اخراجية و تقنية عالية* : 

 

ايضا من اسباب نجاح العمل ، أن وراء هذا العمل مخرج كبير مخضرم ، متمكن من أدواته ملم بالاحداث وما ورائها ، يحلل الشخصيات ويعرف أبعادها ، يقرأ النص وما بين السطور ، يعيش كل الشخصيات في بيئتها الدرامية الافتراضية، و يلبسها ما يناسبها ، يتكلم بلغتها و يدرك سمعيا مدى صدقها وتناسبها مع ما يدور زمانا ومكانا ، يدير دفه الأحداث و هو على دراية بمدى تأثيرها و تأثرها ببعضها ، و علاقتها بمحيطها وفضاءها ، يصعد إيقاعها بحرفية و يكشف أسرارها بانفجارات مدوية ، و بمجرد أن يتلاشى غبار الحدث الاول حتى يعد عدته لانفجار درامي آخر ، عازف ماهر على نوته الدراما التاريخية بأساليب التكنولوجيا والابهار الحديث 

أنه المخرج السوري العربي الكبير " سامر برقاوي " . 

 

نفخ في آلة التصوير الروح فرأينا مجتمع حقيقي امام المشاهد ، يلعب الأدوار و يعيش الحدث و يفعل ويحرك ردة الفعل، و ينقل لنا بيئة كأننا نعيش فيها ، تمس انفعالاتنا الداخلية ، نقف مع صوت الحق فيها و نئن مع المضلوم فيها ، و نشحذ الهمم للوقوف أمام الظالم .

آلة التصوير عن برقاوي تصنع مجتمعا وتراقب شخوصه بإتقان ، يعطي المشاهد الفضاء العام ، والمساحة التى تدور فيها الحدث ، و يمتعه بالتفاصيل المتراكمه في المشهد ، فحركة الجسد ، و الايمائة ، و تعابير الحواس ، و الوجه واليدين و هفهفه الموجودات الطبيعة، تجدها في كادر السيد برقاوي الذي يدرك أن التصوير في الدراما معنى يخدم الحدث و يجمله و ليس مجرد نقل صورة . 

 

برقاوي استخدم التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج بحرفية واقتدار ، معالجة الألوان الجميل الذي جعل التاريخ بنكهه معاصرة ، دون الإخلال بالمفردة التاريخية التى تعد سمه العمل ، فعند الانتقال من بيئة إلى أخرى ، كنا أمام لوحات فنية رائعة من الجرافكس ، و كأن الحقيقية مقتبسة منها وليس العكس ، لدرجة اعترانا اللبس بين الحقيقية و الافتراض . 

 

رؤية المخرج حاضرة في كل عنصر من عناصر العمل ، الملابس متقنة ومنسجمة مع بيئة العمل ، و القوى الفاعلة فيه ، من خلال عنصر الازياء فقط تعرف مجتمع العمل ، فكل فئة نسج ما يناسبها من الملابس و الاغراض الدرامية و الاكسسوارات و الملابس وحتى الكركترات ، و من الأفعال تمايز النمط من المركب . 

 

الموسيقى التصويرية والمؤثرات ، شكلت بنية مشهدية غاية في الاتقان ، 

خدمت الصورة و أثرت ايقاع الحدث سمعيا و انسجمت معه بصريا ، لم تسبق الحدث و لم تتركه ، تنمو معه في الذروة حتى الانفراج ، توتر المشاهد عندما يريد المخرج، و تريحه عندما يأذن بذلك ، في انسجام تام مع الصورة ، برقاوي رؤية مشهدية متكاملة دون مواربه . 

 

لعب الادوار : 

لم ارى عمل درامي كل ممثل فيه مسؤول عن إنجاح العمل ، كما رأيت في مسلسل الزند ، تجد القوى الفاعلة في العمل من أدوار الصف الأول إلى أدوار الصف الثاني إلى المجاميع و الكومبارس جميعهم محترفون ، نجوم في هذا العمل ، لانهم اتقنوا أدوارهم ، أخذوها بحب ومسؤولية عاشوا الحرب والعراك و الحزن و الفرح والانتصار بإحساس الكبار ، فرأيناهم ممثلون لهم الاحترام والتقدير لم يظهر منهم الضعف أو النشاز ، وهذا سر من اسرار السيد برقاوي الذي يعمل على تدريب الممثل دون التفريق بينهم حسب الدور، فالجميع مسؤول عن نجاح العمل وفشله ، كما أن المخرج لم يهمل العنصر التقني الفني ، فقد عمل على كل عنصر من المعطيات الفنية بكل مهنية ، و سخرها لخدمة العمل باحتراف ودراية ورؤية ناضجة واضحة . 

 

واخيرا أجزم أن هذا العمل أعاد الدراما السورية إلى الصدارة ، شكرا ملئ المحيا للكاتب و المخرج و ابطال العمل و الكمبارس و الطواقم الفنية و الجهه المنتجة ، وكل ما أسهم في إنجاح هذا العمل العربي المشرف .

 

                       المخرج والناقد 

                         صالح الصالح