العشق القاتل.. قصة من الواقع
للدكتور: اسماعيل النجار *
بقية الخبر أسفل الروابط التالية:
الأكثر قراءة:
«فأصبحت كالصريم» اكتشاف موقع أصحاب الجنة التي أحرقها الله عقاباً لأصحابها، شمال صنعاء اليمن -صور
المعنى الحقيقي والمقصود بكلمة (واضربوهن) في القرآن الكريم؟ (سقط الكذب)
أشخاص ملحدون وضعوا طفلهم فى زيت مغلي عند ولادته ليروا كيف سينقذه الله فجاءهم الرد كالصاعقة!! ستبكي
لا تتلف جهازك التناسلي .. تجنب هذا الخطأ الكارثي الذي يرتكبه الكثير
العثور على فنانة مصرية ميتة وهي ساجدة في الحرم النبوي الشريف -صور
تهز الوسط الفني.. القبض على فنانة شهيرة تمارس الرذيلة مع شاب على سرير زوجها المخرج
احذر وبشدة.. «القاتل الصامت» الموجود في كل المنازل ويدمر الدماغ.. لن تصدق ماهو
خطير للغاية.. خلايا الحوثي تصطاد قيادات الشرعية من الكباريهات وشقق السهرات في القاهرة بهذه الطريقة
لون لسانك يدل على هذه الأمراض في الجسم .. اكتشفها قبل أن تندم. تفقد حياتك
وجبة ما قبل الجماع.. د.هبة قطب تنصح بتناول هذه الأطعمة11
====================================
66جسار محمد جابر من مواليد سنة 1958م في قرية العنكب، وهي قرية صغيرة مجاورة لمدينة رداع وتمتاز بمدرجاتها وسهولها الزراعية الموسمية، مياهها شحيحة والزراعة ضعيفة لشحة أمطارها ومياهها الجوفية، الحياة شاقة وأغلبية رجالها مهاجرين داخليا (اليمن) وخارجيا (أمريكا والخليج والسعودية) يكثر في قرية العنكب النساء والأطفال ويمارسون الزراعة والرعي ويقع على كاهل النساء العبء الاكبر في زراعة الارض بمراحلها المختلفة وجلب الماء من السدود والابار وجمع الحطب من الوديان وطحن الحبوب في المطاحن القديمة الموجودة في المنازل.
أما الاطفال يقومون برعي الابقار والاغنام وحفظ القران وتعلم الكتابة في المعلامة (الكتاتيب) ويعتمد سكان عنكب على مياه السدود التي تمتلأها الامطار في موسم هطولها وتغطيها الطحالب ويستخدمونها للشرب وسقي الحيوانات والوضوء وغسل ملابسهم وأجسامهم كما تستخدم لسباحة الأطفال، أشتهر سكان قرية العنكب رجال ونساء بطول القامة وضخامة أجسامهم ومنهم أسرة محمد جابر أبو جسار، وتسكن الأسرة في تبة مرتفعة تبعد كيلو متر تقريبا عن قرية عنكب، ودارهم مكون من دورين الاول يسمى (السفل) ويتكون من قسمين قسم منخفض تسكنه الحيوانات ومكان مرتفع يسمى الدكة وتوجد عليه اماكن لحفظ العجور والصند والتبن (علف الحيوانات) كما يحتوي على مدفن لخزن الحبوب وسكن الدواجن (المدج) اما الدور الثاني فيتكون من اربع غرف وحمام ومطبخ ويوجد داخل المطبخ المطحن والدور الثاني خاص بالمعيشة والنوم.
بدأ جسار حياته راعيا للأغنام ثم الابقار وأنتقل بعدها للقرية المجاورة لدراسة القران في المعلامة (الكتاتيب) وفي سن التاسعة من عمره سافر مع ابن خاله ناجي خليل وكان طالب في الاعدادية بمدينة تعز وسكن معه بالقسم الداخلي، درس جسار الابتدائية والاعدادية في أحدى مدارس تعز القريبة من القسم الداخلي وما أن ينهي سنته الدراسية يعود للقرية لقضاء العطلة الصيفية مع أسرته ومساعدة والده في الزراعة والرعي، ومع مرور الزمن يشتد عود جسار يوما عن يوم واصبح قويا لدرجة قيامه بالأعمال الشاقة كنشر الاشجار وتفليق القراميد(جذوع الاشجار الضخمة) وتكسير الاحجار.
انهى جسار دراسته الاعدادية واصبح عمره ثمانية عشر سنة وتتمتع بضخامة جسمه وكبر حجم راسه ووجهه العريض والمدور، فتحة فمه واسنانه كبيرة وصوته اجش وخشن، حجم صدره كبير ومفتول العضلات مع ضخامة أطرافه، وعلى الرغم من شهرة سكان عنكب بضخامة اجسامهم لكن جسم جسار اكثر ضخامة وشدة، شكله ملفت للنظر لمن يراه، ويعتبر اليمنيون المحيطين به اقزام قياسا لطوله وحجمه، وعند عودته لقضاء العطلة الصيفية بعد امتحان الاعدادية العامة او صف تاسع طالب وبإلحاح من والده ووالدته الزواج مما جعل أسرته تبحث عن فتاة تناسبه، والملفت كلما طلبوا أحدى البنات من قرية العنكب او القرى المجاورة يتم الاعتذار بشكل أو بأخر نتيجة التخوف من ضخامة وطول جسمه وشكله، وأصبح موضوع زواج جسار حديث الساعة عند النساء والرجال، فكانت النساء يتندرن ويمزحن ويضحكن ويعلقن على موضوع زواجه ويستبعدن قبول البنات الزواج منه ويرثين للبنت التي تقبله زوجا ويتسائلن عن مصيرها، وفي احدى مجالس النساء حضرت نعيمة اخت جسار وساد اللقاء اللغط والضحك حول زواج جسار، سالت احدى البنات الحاضرات للتجمع نعيمة: هل وجدتي عروسه لأخيك؟ تجاهلت نعيمة السؤال ولم ترد حتى تتجنب المزح، فكررت عليها السؤال ثانية وثالثة وتجاهلتها كالعادة، فردت احد البنات ضاحكة: اخطبي له ناقة سليم وتشتهر ناقة سليم بضخامة جسمها وقوتها وتحملها للعمل، فاشتطت نعيمة غضبا وردت عليها: يا فهيمة تزوجيه وجربي فان عشتي فانتي سعيدة وان متي فانتي شهيدة، وسكتت واحمر وجهها وضحكت جميع النساء لفترة طويلة على هذا الموقف بل وانتشر الخبر في ارجاء القرية والقرى المجاورة .
استمر البحث عن زوجة لجسار وفي الاخير وجدوا له عروسة من قرية مجاورة للعنكب وتسمى النشور، والبنت جميلة ومقاربة له في الحجم والطول والشدة وشغل حصول جسار على عروسة حديث قرية العنكب والقرى المجاورة بل وعملو مقارنة مفصلة بين جسار وعروسته ويتخللها الضحك والهرج والمرج، اقيم عرس جسار وما يلفت النظر حضور اعداد كبيرة من البنات والنساء من قرية العنكب والقرى المجاورة تشوقا لرؤية شكل وحجم العروسة التي قبلت بجسار زوجا لها، واخذ موضوع العروسة والعريس حديث الساعة في المنطقة وزاد شوقهم لرؤيتهم بعد شهر العسل، قضى جسار معظم فترة العرس مع عروسته في الوديان والمدرجات يتقفزان من مدرج الى اخر ويقومان بقلع الاشجار وتكسير الاحجار ويستعرضان قواهما في الوديان امام سكان قرية العنكب من النساء والرجال برفع أضخم ثور او حمار في الوادي وعندما تسمع والدته واخته الحديث عنهما يطلبان ان يصلوا على النبي او يقولوا ما شاء الله.
أكمل جسار أجازته وفترة العرس وعاد للدراسة في تعز بينما زوجته ظلت في قرية العنكب لمساعدة والدته وخواته ويعود للقرية في كل عطلة صيفية وكلما حصل على إجازة، بينما زوجته شفيقة تقضي معظم اوقاتها في الوادي تحطب وتنقل الماء من السد او البائر للمنزل وتحلب الابقار والاغنام و أفضل عمل يسعدها طحن الحبوب في المطحنة والغناء على أنغام حركة المطحنة وأصوات طحن الحبوب و بين الوقت والأخر تقوم بإعداد الطعام للعائلة تساعدها اخت جسار نعيمة، انجبت شفيقة خلال فترة دراسة جسار للثانوية ثلاثة أولاد، وقضت معظم أوقاتها في الوادي حتى اليوم والساعات الأخيرة من الحمل، وما أن تظهر علامات الوضع وتقترب تستعد للولادة او الوضع في أي لحظة حاملة معها مستلزمات الولادة من شفرة حلاقة لقطع الحبل السري وبطانية، ووضعت اثنين من اولادها في الوادي، تقوم بفرش البطانية عندما تحين الحظة وتضع الجنين وتقوم بقطع الحبل السري وربطه وتستراح لبرهة من الوقت، تلف بعدها الجنين بالبطانية وتعود للمنزل تاركتا كل الاشياء في الوادي لتاتي والدة جسار واخواته لمواصلة اعمالها، وتقضي شفيقة اسبوع واحد بعد الولاد لاستقبال المهنئين وتقوم بإعداد بعض الوجبات الخفيفة وخاصة عندما يكون جسار موجود وبعد انتهاء الاسبوع تعود لممارسة أعمالها تدريجيا في الوادي ترافقها نعيمة.
انهى جسار الثانوية العامة وعاد لمدينة رداع لأداء الخدمة الإلزامية في مجال التدريس، يذهب اليها صباحا ويعود لقريته عصرا وبعد انتهائه من خدمه التدريس حصل على منحة دراسية في مجال الطب في العاصمة الإيطالية روما، وعندما علمت شفيقة قضت معظم وقتها بكاء وحزنا على سفر جسار، بل حبست نفسها في الاشهر والايام الاخيرة في غرفتها ولم يعد لها رغبة للعمل على الرغم من محاولة جسار اقناعها انقضاء فترة الدراسة الجامعية سريعا وطمئنها بزيارتها كل عطلة صيفية كما جرت العادة ايام المدرسة وانه سيعود لها طبيبا ويحسن وضعها والاولاد والاسرة، ساد الحزن شفيقة ليس لسفر جسار ولكن لشعورها الباطن بحدوث شيئا يفقدها جسار، ووسط عويل وبكاء شفيقة ووالدته واخوانه، خرج جسار ماسحا دموعه حاملا اغراضه والتقي في صنعاء مع زملاءه توفيق ومسعد، ودخلوا المطار حاملين اغراضهم ومعهم بطانيات ليسألهم كثير من الناس: لماذا البطانيات؟ ليردوا ان ايطاليا برد وثلوج ليضحكوا عليهم قائلين: لا توجد بطانيات الا في اليمن ليقولوا في ايطاليا غالية ليزيد ضحك وهرج المتواجدين وعند خروجهم من بوابة المغادرة ركض جسار يتبعه توفيق ومسعد ويناديهم الناس: لماذا تسرعوا؟ ليردوا: نحجز اماكن في المقدمة ليردوا عليهم: الاماكن مرقمة ومحجوزة حسب تذاكر السفر، وما ان وصلوا واستقبلتهم احد المضيفات ووزعتهم على ارقامهم ودخل المسافرين للطائرة ليجلسوا في اماكنهم ويشيرون اليهم وبالتحديد جسار، وعندما رأى الكابتن المشهد اقترب من جسار يمازحه قائلا: ما شاء الله من اين اتيت بهذا الجسم؟ ليرد عليه: من قرية العنكب ليمازحه الكابتن: وجودك على هذه الجهة يجعل الطائرة في حالة ميلان اجلس على الجهة الاخرى لتوتزن الطائرة، واجتمع الجميع حول جسار ينكتوا ويضحكوا ويرد جسار ضاحكا بروح رياضية وخفت دم.
ووصلوا روما وجهزوا سكنهم وتعرفوا على معهد دراسة اللغة وبدأوا السنة الاولى تحضيرية لدراسة اللغة والتكيف على الواقع الجديد، عاش الثلاثي السنة الاولى في حالة ذهول بين واقعين مختلفين ولاحظو ان وضعهم في المعهد والشارع ملفت للأنظار بحركتهم وعيونهم الزائغة التي تلاحق الايطاليين تعجبا واستغرابا على اشكالهم وتعاملهم وممارستهم للحياة ، وافضل اوقات فراغهم متعة خروجهم للحديقة للاستمتاع والتفرج على مداعبة الرجال للنساء والعكس، ويتحدثون عما يشاهدون باستغراب ويصفون ما يحدث باللامعقول. اما الايطاليون فيعتقدون من خلال رؤية اشكالهم انهم من غجر ايطاليا لتقاربهم في الشكل مع غجر إيطاليا، وعند معرفة الايطاليون انهم اجانب يسالونهم من اين انتم ويجيبون من اليمن، اما جسار بخفة دمه يقول مازحا انا لست من اليمن فحسب بل ومن رداع وخلال سنه تجاوز الثلاثي مرحله اللغة وفي الاجازة الصيفية بقى توفيق ومسعد في ايطالية لزيارة مدنها والاستمتاع بحياة الايطاليين ومعالمهم السياحية ومتنزهاتهم ونواديهم الليلية بينما حرص جسار على العودة لليمن لقضاء عطلته الصيفية وطمأنة زوجته واولاده حاملا الكثير من الهدايا، وعند وصوله ملأت الفرحة والسرور قلب شفيقة بوفاء جسار وعودته كما وعدها، وظل اليوم الاول من اجازته في المنزل مع اسرته سهرا و فرحا وابتهاجا بعودته حتى الصباح ، حكى لهم عن ايطاليا والدراسة والناس والمباني والسياحة واصفا روما بالسحر والاسطورة، وكلما كان يتحدث عن الايطاليين من نساء ورجال لا يروق لشفيقة وينتابها نوع من الغيرة والخوف على جسار ، خرج جسار وشفيقة اليوم التالي للوادي وقضيا معظم وقتهما في العمل واللعب والفرح والسرور واصبحت اعمال شفيقه محدودة وتفرغت لإسعاد جسار حتى يظل يتذكرها في ايطاليا ولا يفضل عليها النساء الايطاليات وقضيا افضل ايام الاجازة مع اولادهما والاسرة في وسط من الفرحة ان جسار سيصبح طبيبا وسيحسن من وضعهم الاقتصادي، ومن لحظة وصوله دعوه بالدكتور جسار، وعند اقتراب موعد عودته للدراسة عاد لشفيقة هاجس الخوف على جسار وظهرت علامة الحزن والكأبة كلما أقتربت ايام عودته، وفي لحظة الوداع ذرفت عيناها بالدموع وعبرت عن عدم اطمئنانها على المستقبل، اما الأولاد ظلوا خلال الفترة يتعلقون على ظهر والدهم وصدره ويبكون كما تبكي والدتهم طالبين السفر معه أو يظل معهم لكنه يذكرهم بسفره للدراسة حتى يعود دكتور ويدعونهم بأولاد الدكتور جسار وطمئنهم العودة السنة القادمة حاملا لهم الكثير من الهدايا من ملابس وألعاب.
عاد جسار لزملائه واستقبلوه بفرحة وسعادة ورتبوا لاستقباله في سهرة ليلية باحد الاندية ليحكوا له احلى اللحظات التى قضياها خلال الاجازة، وعبرا عن سرورهما ومن حديثهما غبن جسار لعدم بقائه معهما و فكر بعدم العودة في الاجازة القادمة للبلاد وقضاء العطلة بمنتزهات روما وبقيه المدن الإيطالية.
استقبل الثلاثي جسار – توفيق- مسعد العام الدراسي الاول ولاقوا صعوبات كثيرة لعدم اجادتهم اللغة الإيطالية، وتمكنا جسار وتوفيق من تجاوز سنة اولى بصعوبة وتخلف عنهما مسعد في سنة اولى وبذل الثلاثة مجهود كبير لاستيعاب اللغة الايطالية ليتوافقو مع زملائهم الايطاليين ونجحوا بصعوبة وانتقلا جسار ومسعد لسنة ثانية وبقى توفيق في سنة أولى، وقبل انتهاء السنة الدراسية مهد جسار لزوجته واولاده احتمال عدم عودته لليمن لصعوبة ظرفه ونيته قضاء اجازته الصيفية في إيطاليا، وما ان بدأت الاجازة ارسل برسالة لزوجته واولاده اعتذر عن عودته لليمن تحت مبرر البقاء لصعوبة ظرفه الاقتصادية و التمرس على اللغة الإيطالية، وكان للخبر وقع الصاعقة على زوجته واحبطت واملت أولادها رسائل محروق الاطراف حتى يشعر جسار تعبر عن حرقتها وتأنيبها لجسار وتقوم بحرق أطراف الرسائل بمدى معاناتها لعدم التزامه ووفائه بما وعد ويرد عليها بالرسائل يبرر ضرورة بقائه ولم تقتنع وبدا الشك يدخل لقلبها ان جسار سيتزوج او يقيم علاقة مع فتاة ايطالية وخاصة أن حديث جسار عن الايطاليات من النساء واغراءهن مازال عالقا في ذاكرتها ويساورها الشك أنهن سيغيرن من اخلاق وقيم جسار.
قضى جسار ورفاقه عطلتهم الصيفية متنقلون بين المدن الايطالية وفي حدائقها ومتنزهاتها ونواديها الليلية ومعالمها التاريخية والسياحية، ويقضون ليلهم في النوادي والمراقص الليلية للاستمتاع بالرقص الايطالي ورقص الديسكو ليشدهم كثيرا رقص الايطاليين، وبينما توفيق ومسعد في غاية السرور تنتاب جسار نوبات من الشعور بالذنب تجاه زوجته واولاده وخاصة عندما يتذكر وداعهم ورسائل شفيقة وبالذات العبارة التي تقول فيها: تذكر يا جسار اني عائشة مع اولادك حياة الوادي من نقل الماء والحطب والطحين على المطاحن، بينما انت تنعم وتعيش في راحة مع الايطاليات وما بقائك في ايطاليا الا لهذا السبب ويعلم الله كيف ستكون اخرتها معنا، وعندما ينظر اليه توفيق ومسعد وهو سرحان وتائه يقومان بتنبيهه واعادته للأجواء؟، بعد ان يأخذ نفسا عميق وعلى وجهه علامات تأنيب الضمير، وفي النوادي الليلية يقضوا وقتهم بالجلوس على الطاولة والاكتفاء بالمشاهدة وخاصه عندما يرون الايطاليين والايطاليات يرقصون مع بعض (كل واحد مع زوجته او صديقته).
وفي احدى السهرات الليلية أخذ مسعد يدق بالملاعق او الشواك على الطاولة بشكل هادئ ويغني الثلاثة اغاني يمنيه، واجاد مسعد ايقاعات الضرب بالشواك او الملاعق على الطاولة او الصحون وكانه محترف على دق الطبل أو الطاسة في اليمن، وفي لحظة ما من النشوة قام مسعد بالدق بالملاعق على احدى الصحون و كان له رنين مميز لرقصة برع الهوشلية، فامتشق جسار وتوفيق السكاكين بايديهما ورقصا برع الهوشلية وتميزت بالسرعة والاثارة واوقفت الحركة في النادي من رقص وموسيقى، وتجمع كل من في النادي بما فيهم العازفون وادارة النادي والراقصون والجالسون وتزاحموا حول المكان الذي يتواجد فيه الثلاثة واستمر مسعد يدق على الصحون ايقاعات رقص البرع وعلى وقعها يرقص جسار وتوفيق بشكل سريع ومثير لدرجة ان السكاكين التي يرقصون فيها البرع كادت تلامس وجوههم واجسادهم واثار رقصهم اهتمام المتواجدون في النادي، ليبدوا اعجابهم الشديد و يستفسرون ويسألون بذهول واندهاش عن الرقصة وبلادهم ويطلبون من الثلاثي الاستمرار بالدق والرقص واشراكهم بل وطلبوا تعليمهم الرقص، واشتهر الثلاثي بنادي البندقية الليلي في روما وكرروا نفس العملية في بعض نوادي روما، ليقوموا برقصة البرع او الحرب ووصل خبرهم لعمدة روما واستدعاهم وطلب منهم ان يقوموا بالاستعراض أمام بعض الفرق الإيطالية، وعند مقابلتهم فرقة روما للرقص، رقص الثلاثي امامهم رقصة البرع وقوبلت رقصتهم بالاثارة والتصفيق والاعجاب وانشد الجميع اليها من اول لحظة حتى النهاية، وبعد الانتهاء صفق الجميع بحرارة واحنوا رؤوسهم تحية للثلاثي، وعند مقابلتهم مسئول الفرقة ناقشا الثلاثي عن رقصة البرع او الحرب ليسالهم: هل انتم يهود؟ فرقصة الحرب أو البرع اسرائيلية ويبدوا انه من يهود ايطاليا ، نفى الثلاثي انهم يهود وحاولوا اقناعه انها رقصة يمنية نقلها اليهود اليمنيون المهاجرون الى إسرائيل، وعند اصراره اضطر الثلاثي للانسحاب احتجاجا وعليهم علامات الاحباط والانكسار.
وفي احدى النوادي الليلية المشهورة في روما وبعد أن قدموا عرضهم لرقصة البرع المثيرة تعرفوا على فتاتين ايطاليتين، احدهما خريجة معهد موسيقى (عزف على العود) وأصبحت صديقة لتوفيق أما الأخرى خريجة معهد رياضة وتقوم بتدريب العاب القوى في أحد الأندية الرياضية في روما و أصبحت صديقة لجسار أما مسعد على الرغم من محاولة الكثير من الفتيات الأيطاليات صداقته او أقامه علاقة معه، يتجنب أو يعتذر بلباقة لوضعه الدراسي وفضل تكريس جهده للدراسة، تعمقت العلاقات بين جسار وتوفيق وصديقتهما بل وأصبحتا مقيمتان معهما وتقوما بالطبخ وغسل ملابسهما وتنظيف السكن والاهتمام بحياتهما الشخصية بل تلازمهما في الخروج للأسواق والملاهي والمتنزهات وتعلما منهن الرقصات الايطلية المتنوعه، وعد توفيق وجسار عشيقتهما بالزواج وبالفعل تزوج توفيق على عازفة العود بينما جسار استمر يعدها ويراوغ في مواعيده مخفيا عليها زواجه في اليمن وأنجابه لثلاثة أولاد، قضى الثلاثة امتع الاوقات وافضلها في حياتهم بايطاليا وتمكنوا من اللغة وانسجموا مع المجتمع الايطالي بل واصبحوا جزء من نسيجه الاجتماعي، وكل ما تذكروا العودة لليمن يصابوا بخيبة امل عدا مسعد متفائل نسبيا بعودته .
و في عطلة سنة خامسة وبعد الحاح شفيقة واولادها ورسائلها شديدة اللهجة والمحروقه من زوجته وأولاده وخاصة أن أولاده أصبحوا في مرحلة المراهقة ويحتاجون لوالدهم حتى يساعدهم في عبور المرحلة ومرض والد ووالدة جسار، اقتنع بالعودة لليمن لاسابيع لزيارتهم وعندما وصل جسار استقبلته العائلة وفي مقدمتهم زوجته وأولاده، وكانت فرحة الاولاد لا توصف وانشدت أعينهم واسماعهم لشكل والدهم وحديثه ولم يسمحوا لاحد بالجلوس بجانبه ويقبلونه بيديه وركبتيه بين الفترة والأخرى و أحضر لهم هدايا من ملابس وأدوات مدرسية وغيرها ولم يخرجها دفعه واحده بل بين الوقت والاخر لتستمر فرحتهم، وأمضى نهار اليوم بالحديث مع أسرته عن الدراسة والحياة في ايطاليا وبدأ على وجه شفيقة عدم الرضى عما يتحدث واعتبرت الحديث خارج عن حياتهما الطبيعية التي تعودا عليها، وعندما دنا الليل أنصرف كل واحد من الأسرة الى مخدعه ولم يبقى الا جسار وشفيقه وتبادلا أطراف الحديث تخلله عتاب ولوم شديد لجسار لإهماله لها وللأولاد، حاول جسار تبرير ذلك ولكن دون جدوى أو غفران من شفيقة، وبعد الحديث أقترب جسار من شفيقة ليداعبها وكانت مداعبته ناعمه على غير العادة التي تعودت عليها شفيقة من خشونة، وداعبها بنوع من الرومنسية كما تعلم وتعود من عشيقته الإيطالية، صرخت شفيقة بجسار وقالت: مالك مالك تعمل معي هكذا كالكلاب حين تشمشم شلني وافقش شلني وأرزع.
قابلها جسار بالضحك والاعتذار لأنه في حالة تعب بعد السفر، في اليوم الثاني طلبت شفيقة من جسار الذهاب للوادي وممارسة حياتهما كاعادة أيام زمان، ولكنه أبدى نوع من الأعتذار والتململ، وعندما شدت عليه شفيقة أضطر للأستجابة، وأثناء مشيهم في طريق الوادي وجدت أن جسار لم يعد جسار زمان وانه أصبح ثقيل ورقيق وبطئ في مشيته ولديه كرش ويتجنب الطريق الوعره ويبحث عن السهل ويتمايل أحيانا للسقوط أو الطحس لتمسك به شفيقة ويتكيء عليها حتى لا يسقط ، وعندما حاولت مداعبته بخشونة كالمعتاد لم يتفاعل معها كا ايام الزمان الجميل، فسالته: ماذا جرى لك يا جسار أصبح لك كرش مثل المرأة الحامل ووجهك وجسمك أبيض مثل النساء ،أين حرارة رجولتك او من خرج من البلاد فقد رجولته ؟ فأضطر للممازحة والضحك معها وأقنعها أن يقضيا أوقاتهما في المنزل، وبالفعل قضى جسار معظم وقته مع شفيقة في المنزل وأصبح يعلمها الطرق الرومنسية للمداعبه مع سماع الموسيقى والرقص وكيفية تحضير الأجواء الشاعرية، وأضطرت للتكيف معه، قلقة عشيقت جسار لتاخره بعد ان وعدها بالعودة السريعة ولاتتعدى ثلاثة اسابيع ليتزوجها وشكت ان يتزوج في اليمن بالزواج بالعوه السريعة للزواج وبرر عدم زواجه قبل السفر ضرورة انسانية لزيارة والديه المريضان والمسنين بالعمر ، وبين الوقت والأخر تستعين بتوفيق ومسعد للاتصال باليمن للاطمئنان على جسار ومعرفة سبب تاخره، وفي أحد الأيام وفي سهره مسائية تبادلت صديقة جسار الحديث مع زوجة توفيق عازفة العود وهي في حالة من القلق الشديد لتاخر عودة جسار، كشفت لها عازفة العود أن جسار متزوج في اليمن ولديه ثلاثة أولاد، لم تصدق عشيقة جسار الخبر ولكنها واجهت توفيق ومسعد بالخبر وتاكدت ان توفيق ومسعد على معرفه بموضوع زواج جسار وجن جنونها وأمتلأ داخلها بالحقد والغيظ أن جسار خدعها وكذب عليها ويتهرب من الزواج عليها وأقسمت بالرب وبابا الفاتيكان الانتقام والقضاء على مستقبل جسار، عندما حان موعد سفر جسار اقسم يمين لزوجته ان لا يتزوج او يقارب النساء الايطاليات، واقيم له وداع العودة لايطاليا من اسرته واهل القرية ونادوه بالدكتور جسار الايطالي لنجاحه بعلاج الكثير من الحالات المرضية وأستبشروا بمستقبل جميل لصحتهم خاصة أن جسار ابن عنكب وقريبا لهم ورافقه وودعه أهل القرية وأسرته وزوجته لأطراف القرية، وما أن وصل لمطار روما استقبله مسعد وحذره من عشيقته وقال له أنها تحمل له الضغينة وتخبئ له شرا نتيجة معرفتها بزواجه وأمتلاكه أولاد في اليمن فرد عليه جسار بأنه سيحاول ارضائها والزواج منها، ليقول مسعد: لا أعتقد انها تصدقك
وصل جسار للسكن وأستقبلته عشيقته استقبالا طبيعيا وأعترف لها بزواجه في اليمن وأن الاسلام يشرع تعداد الزوجات كما أعتذر لها عن اخفائه زواجه وامتلكه اولاد وعرض عليها الزواج وطلب منها تحديد الموعد فردت عليه: ليس هناك مشكلة وسنتفق على موعد عقد لعقد القران خلال السهرة وجهزت لسهرة خاصة تليق بعودته وشوقها اليه كما وعدته و سادت أجواء السهرة الفرحة والرقص وفي نهاية السهرة طلب حسار من توفيق ومسعد اخلاء السكن لأتمام سهرتهما الخاصة، وسارت الأمور بشكل طبيعي ولكن عشيقة جسار جهزت سكين خاصة وحادة وسريعة القطع أو القتل، وفي السهرة وهما في قمة النشوة وجسار مستلقي وغير مدرك لما قد يحدث أخذت عشيقته السكين الحادة ودون ان يدرك وبسرعة فائقة قطعت عضوه التناسلي فصرخ جسار بشدة وحمل عضوه الذكري وهرع للشارع وهو عريان (بدون ملابس) واستنجد بالناس لاسعافه وبالفعل أسعف بسرعة فائقة لاحد المستشفيات الكبيرة والقريبة من السكن، وهناك خضع لعمل جراحي لاعادة عضوه الذكري، وقام بالعملية فريق متكامل من جراحين الاوعية الدموية والاعصاب والجهاز التناسلي وأستمرت العملية سبع ساعات بينما خرجت عشيقته من السكن في غاية الهدوء وأتجهت لسكنها الأصلي وابلغ عنها وتم أعتقالها من الشرطة والتحقيق معها وأهم ما ذكرته في التحقيق أن جسار خدعها وكذب عليها وأضاع مستقبلها ولم تتحمل ما أقدم عليه فاضطرت أن تنهي مستقبله الجنسي ورجولته جزاء لما أقدم عليه، وتمت أحالتها للمحكمة وحكم عليها بالسجن لمدة خمس سنوات مع التعويض .
اخذت واقعة قطع العضو الذكري لجسار حديث الاعلام الايطالي والعالمي وعندما كنت وزملائي ندرس في سوريا سمعنا في برنامج عجائب وغرائب خبربعنوان امراءة ايطالية تقطع العضو الذكري لطالب يمني في كلية الطب وهكذا أصبح موضوع جسار منتشرا خاصة في اليمن وعالميا ووصل الخبر لأسرته في اليمن وتبرئت منه وأ صرت شفيقة على الطلاق والانفصال عن جسار بعد ان تححقت رؤيتها
أعيد العضو الذكري لجسار ولكن للوظيفة بوليه أما الجانب الجنسي أصبح مفقودا. واصل جسار استكمال دراسته ووقف وشجعه مسعد لتجاوز الظرف ومواصلة الدراسة وأقنعه أن عدم أستمراره في الدراسة والتخرج سيقضي على حياته مؤكدا له أن الامكانيه كبيره لاعادة عضوه الذكري والعودة لحياته الجنسية والاجتماعية كما في السابق واقنعه ان ذلك مرتبط بمواصلته الدراسه والتخرج وقال له أن ما حصل يجب أن يكون ركيزة وحافز لنهوضه ونجاحه . أما توفيق فأضطر للهروب مع زوجته لجامعة جنوا خوفا من انتقام جسار وخاصة أن جسار قطع على نفسه عهدا بالانتقام من توفيق أشد انتقام .أستطاع جسار وبارادة قوية وبتشجيع من مسعد وزملاءه الايطاليين مواصلة دراسته بقوة ونجاح وتفوق بين زملائه الايطاليين وتخرج بتقدير ممتاز وعرض عليه البقاء في كلية الطب كمعيد او الدراسة العليا و فضل انتظار سنه حتى يكمل مسعد دراسته والعودة سويا لليمن.
وخلال سنة الانتظار لمسعد رسم جسار صوره ومخطط لعودته لليمن والعمل تجاوز الظرف عرض عليه مسعد خلال هذا الوقت اجراء عملية جراحية لاعادة وضعه للحاله الطبيعية مؤكدا أن نسبة النجاح خمسه وتسعون بالمئه ولكن جسار فضل تأجيل الموضوع حتى يعيد ترتيب أوضاعه في اليمن وقضى معظم السنه في المستشفيات الجامعية للتطبيق واكتسب خبرات كبيرة وعاليه.
أما توفيق فقد عاش بقية فترته الدراسية في جنوه مراقبا تحركات جسار عن بعد ويتواصل مع مسعد ويترجاه أبعاد جسار واقناعه عدم الأنتقام وعاش حياة رعب وخوف من انتقام جسار بل وأصبح جسار كابوس في حياته لدرجة قيامه بشراء جهاز صغير شبيه بلجام الحيوانات وتستعمله الاناث في ايطاليا بوضعه على الجهاز التناسلي لمقاومة الاغتصاب والجهاز يتكون من غطاء مرن ومجوف مصنوع من البلاستيك المقوى يربط من الامام الى الخلف برباطين ومن الخلف برباط من البلاستيك المرن والثلاثه الاربطه تقفل على حزام مقوى في الخاصره ويفتح الحزام بواسطة بصمة الابهام ليلازمه الحزام معظم اوقاته ولايفتحه الا عند النوم وعند التاكد أن أبواب المنزل مؤمنه أما زوجته بين الحين والأخر تقوم بزيارة عشيقة جسار للسجن شارحتا وضعية الزواج في الاسلام وانها استعجلت وأخطأت بحق جسار وأن جسار يحبها وكان يريد الزواج بها وبنفس الوقت حريصا على أولاده وزوجته شفيقة و تفهمت عشيقة جسار الموضوع وأصيبت بحاله من الندم بل وتكونت لديها عقدة الذنب تجاه جسار وعندما خرجت من السجن أخذت على نفسها عهد بعدم الزواج باي رجل اخر والتحقت بكاتدرائيات القديس مرقص في روما وأصبحت راهبه وأعتزلت الحياة .
وبعد ان أكمل توفيق دراسته أستعد للعودة الى اليمن وقام بترتيب موضوع سفره مع زوجته وحرص على التنسيق مع مسعد حتى يتجنب جسار. عاد توفيق وزوجته عازفة العود لصنعاء وتم تعيينه بالمستشفى الجمهوري أما زوجته أصبحت مدرسه في معهد الفنون الموسيقيه وأقامت علاقة واسعه مع الفنانيين وأصبحت تقضي معظم أوقاتها خارج البيت وأحيانا لاوقات متاخرة من الليل ودخلت في مشاكل قوية وحادة مع توفيق واتفقا في نهاية الامر على الأنفصال وعودتها لايطاليا وبعد أن سافرت حمد توفيق الله لعدم انجابه منها وظلت تربطهما علاقت صداقة ، تزوج توفيق من عائلة صنعانية عريقة و استغربت زوجته من موضوع الجهاز الذي يستخدمه ليبرر لها أن الجهاز يجعل المكان طاهرا وظل خائفا ومرعوبا ويطارده كابوس عودة جسار و اضطر لحمل مسدس أضافة لجهاز الحماية ولجأ لطلب المرافقين خوفا من قرب وصول جسار وانتقامه، انهى مسعد دراسته وعاد مع جسار بعد اكمال اجراءات التخرج ووضع الخطط لتهيئة جسار وتقبل اهله الخبر ومعالجة المشكلة ووصل صنعاء ومكثا مايقارب الشهر لترتيب أوضاعهما وعاش جسار حالة من القلق بين المكوث في صنعاء وزيارة قرية العنكب وكيفية الظهور على شفيقه واولاده واهله وتبرير ماحدث ليقنعه مسعد بضرورة السفر للقرية دون تاخير ووضعهم امام الامر الواقع مع طرحه التبرير المقنع ومحاولة التصالح معهم ، سافر مسعد وجسار لقرية العنكب وجسار في حالة نفسيه سيئة طيلة الطريق وعندما وصلا أجتمع الناس على جسار وهم يتهامسون ويضحكون ويقولون انه سبب للقرية سمعة سيئه ماعدا أولاده كانوا ينظرون لوالدهم بعين العطف والحنان و أثار الحزن على وجوههم , أما زوجته فلم تقابله الا من وراء الحجاب وعلقت عليه بجملة قصيره (عدمك يا جسار في الحياة أفضل من وجودك) وطلبت منه الطلاق العاجل اما والديه رفضا مقابلته وعندما شعر مسعد وجسار بانهما ضيفان غير مرغوب او مرحب بهما نهضا للعودة ووضعا مسعد عنوانه كوسيله للتواصل وغادرا قريه العنكب ولحق بهما بعض الرجال والنساء والأطفال يعلقون بشكل ساخر وغير مؤدب بينما أولاد جسار يبكون ويصدونهم ويدفعونهم بالتهديد والقوة للخلف ثم توقف جسار ليقبل أولاده ويطلب منهم الاهتمام بدراستهم ويبدي استعداده للتواصل والوقوف معهم حتى يصلوا لبر الأمان مكث مسعد وجسار في صنعاء وتم تعيينهما في مستشفى الثورة ليقضي جسار معظم وقته في المستشفى مقدما خدماته على مدار الساعة وأشتهر بتميزه واقتداره ومعرفته المهنية واصبح مشهورا على الملأ ، ظل مع مسعد ما يقارب السنتين في المستشفى ولم يتحمل عزلته الاجتماعية والغمز واللمز والمزح من زملاءه والموظفين في المستشفى وأصبح كثير الشكوى لمسعد لما يعانيه , حصل مسعد على فرصه عمل في المدينة المنورة بالسعودية فعرضها على جسار فوافق فورا وجهز أغراضه وتوجه للسعودية تاركا مهمة التواصل مع اولاده عن قرب لمسعد وحصل على فرصة عمل في مستشفى المدينة وهناك قضى معظم وقته بالعمل في المستشفى والعبادة في مسجد الرسول بالمدينة المنورة و أشتهر جسار في المستشفى وأحبه زملاءه وموظفي المستشفى ولقب بالطبيب الزاهد واعطي له سكن بنفس المستشفى وأشتهر في المدينة بين الناس بعمل الخير وكفاءته ,أحبه زملاءه ورؤساءه واصبح مثلا للطبيب الناجح والخير وعرض عليه الزواج أكثر من مره ولكنه اعتذر واعرض عن ذلك أما أولاده عندما علمو بسفره حزنوا حتى شفيقة شاركتهم حزنهم وبكاءهم أما والده ووالدته فكانوا يدعون له بالتوفيق وحسن الختام، وفي البداية تواصل جسار مع اولاده عبر مسعد او الرسائل المباشرة ثم زيارة أولاده له في المدينة واستمر مسعد أقرب الناس لجسار والنافذة التي يتواصل مع مجتمعه في اليمن.
تزوج مسعد وعاش في صنعاء وعلى اتصال دائم مع اولاد جسار وتولى متابعتهم في الدراسة وشئون الحياة بالتنسيق مع شفيقة. وارسل جسار لمسعد مبالغ يصرفها على أولاده الثلاثة وشفيقة ووالديه حتى تخرج أولاد جسار من تخصصات جامعيه مختلفة ونقل مسعد علاقته بعائلة جسار الى علاقة مباشره بين جسار وأسرته، وسافر أولاد جسار للسعودية وساعدهم والدهم في الدراسة العليا والحصول على فرص عمل بالمدينه بحكم علاقته الطيبة مع السعوديين في المدينة المنورة , ولحقت شفيقه بالأولاد وعاشت لبعض الوقت مع الاولاد وحاول الاولاد اعادة لم شمل الاسرة ولكن جسار اعرض وامتنع عن ذلك قائلا انه تعود على وضعة الحالي وأصبح مريحا له وللجميع ولا يحبذ الدخول في معاناة او تجربة جديده وطلبت شفيقة من الأولاد لقاء جسار و اعتذر وتهرب مرارا فأصرت على أولادها وأقسمت عليهم يمين مغلظة أن يقودوها لوالدهم في مستشفى المدينة وهناك وبشكل فجائي دخلت على سكنه في المستشفى في وقت تواجده حاول التخلص والهروب مرددا عليهم لا داعي للإحراج يا اولادي فأمسكت به شفيقة بقوة وقالت وهي تذرف الدموع: أستحلفك بالله أن تسمعني يا جسار أنا أم أولادك صحيح أنني تألمت وقهرت منك ولكنني ربيت أولادك ونذرت نفسي وحياتي لهم ، لقد ربيتهم أحسن تربية وعلمتهم أحسن تعليم صحيح يا جسار انت غلطت ودفع الجميع الثمن وعلينا أن نلملم جراحنا من أجل أولادنا وأسرتنا وأن نكمل ما تبقى من حياتنا وسأكون خادمة لك ولأولادك واعيش معك على سنة الله ورسوله زوجة وفيه كما عهدتني. بكى جسار وأولاده بكاء شديد من هول الموقف ودنت شفيقة تقبل أقدام جسار وقال حاشيكي (بعيد عنك )أنا من يقبل قدماك وضم الأولاد أباهم وأمهم في منظر مهيب ومؤثر وألتئم شمل الجميع ليعيشوا مع بعض ,عاش مسعد ظروف صعبه ومتردية ماليا ليساعده جسار بين الوقت والاخر وفي الاخير اضطر لمغادرة اليمن مع أسرته واللحاق بجسار و هذه كانت أخر أمنية لجسار أن يستكمل حياته بوجود زميله واخوه العزيز مسعد , علم توفيق بسفر مسعد واستقرار جسار في المدينة وانتهاء نزعة الانتقام لجسار تجاهه فابعد الجهاز وعاش حياة طبيعية دون خوف أو وجل وأصبح طبيبا مشهورا في صنعاء.
......
طبيب وقاص يمني