لوحة المُوناليزا (ليوناردو دافينشي)
كتب/ د. بشرى عباس*
بقية الخبر أسفل الروابط التالية:
الأكثر قراءة:
«فأصبحت كالصريم» اكتشاف موقع أصحاب الجنة التي أحرقها الله عقاباً لأصحابها، شمال صنعاء اليمن -صور
المعنى الحقيقي والمقصود بكلمة (واضربوهن) في القرآن الكريم؟ (سقط الكذب)
أشخاص ملحدون وضعوا طفلهم فى زيت مغلي عند ولادته ليروا كيف سينقذه الله فجاءهم الرد كالصاعقة!! ستبكي
لا تتلف جهازك التناسلي .. تجنب هذا الخطأ الكارثي الذي يرتكبه الكثير
العثور على فنانة مصرية ميتة وهي ساجدة في الحرم النبوي الشريف -صور
تهز الوسط الفني.. القبض على فنانة شهيرة تمارس الرذيلة مع شاب على سرير زوجها المخرج
احذر وبشدة.. «القاتل الصامت» الموجود في كل المنازل ويدمر الدماغ.. لن تصدق ماهو
خطير للغاية.. خلايا الحوثي تصطاد قيادات الشرعية من الكباريهات وشقق السهرات في القاهرة بهذه الطريقة
لون لسانك يدل على هذه الأمراض في الجسم .. اكتشفها قبل أن تندم. تفقد حياتك
وجبة ما قبل الجماع.. د.هبة قطب تنصح بتناول هذه الأطعمة11
====================================
74اللوحة هي صورة سيّدة فلورنسيّة، لقد تعوّدنا على رؤيتها على الإعلانات و بطاقات البريد بحيث يصعب علينا أن نراها رؤية جديدة باعتبارها لوحة رسمها رجُل حقيقيّ لإمرأة حقيقيّة ذات طبيعة بشريّة. و لكن يجدر بنا أن ننظر إليها و كأننا أوّل من يقع نظره عليها. و ما يُدهشنا في البداية هو كم تبدو المُوناليزا مُفعمة بالحياة. تبدو أنّها تنظر إلينا، و يتراءى لنا أنّها تتغيّر أمام أعيننا مثل كائنٍ حيّ، و كلّما عُدنا إليها بدت مختلفة قليلآ. و عند النظر إلى اللوحة نستشعر هذا التأثير الغريب، و في بعض الأحيان تبدو أنّها تسخر منّا، ثمّ لا نلبث أن نكتشف شيئآ شبيهآ بالحُزن في ابتسامتها. و هذا كلّه يبدو مُكثّفآ بالغموض إلى حدٍّ بعيد.
ابتكار ليوناردو الشّهير سمّاه الإيطاليّون (التّبخير)، المُخطّط الغائم و الألوان الناعمة التي تسمح باندماج الأشكال، و تترك شيئآ للخيال على الدوام.
بالرجوع إلى المُوناليزا قد نفهم شيئآ من تأثيرها الغامض. نُلاحظ أنّ ليوناردو قد استخدم وسيلة (التبخير) استخدامآ مُتروّيآ للغاية، فكُلّ من حاول رسم وجه أو تخطيطه يعرف أنّ ما ندعوه سيماء الوجه تتشكّل في الغالب من سِمَتين هما زاويتا الفم، و زاويتا العينين. و هذه الأقسام بالضبط هي التي تعمّد ليوناردو إبقاءها غامضة بتركِها تندمج في ظلٍ خفيف. و هذا ما يجعلنا نَحَار في مزاجِ مُوناليزا المُنعكس في نظرتها إلينا.
إنّ ما تُعبّر عنه هذه النظرة يظلّ يُراوغنا، و ما يُحدثه هذا التأثير ليس الغموض وحده طبعآ، بل أشياء كثيرة وراءه.
لقد أقدم ليوناردو على عملٍ بالغ الجرأة، فإذا أمعنّا النظر في اللوحة رأينا أنّ الجانبين لا يتناظران تمامآ، و هذا واضح تمامآ في المنظر الطبيعيّ المُتخيّل في الخلفيّة. فالأُفق على الجانب الأيسر يبدو أخفض منه على الجانب الأيمن. لذلك حين نُركّز النظر على جانب اللوحة الأيسر، تبدو المرأة أطول قليلآ، أو أكثر انتصابآ منها لو ركزّناه على الجانب الأيمن.
و يتراءى لنا أنّ وجهها أيضآ يتغيّر مع هذا التغيّر في الموقِع، لأنّ جانبَي الوجه غير متناظرَين أيضآ. و لكن لو لم يعرف ليوناردو على وجه الدّقة إلى أيّ حدّ يمكنه أن يذهب في استعمال هذه الحِيَل التقنيّة، و لو لم يُوازن بين انحرافه الجرىء عن الطبيعة، و تصويره الجّسد الحيّ تصويرآ يكاد يكون مُعجزآ، لكان من الممكن أن يُنتج عملآ بارعآ من أعمال الشّعوذة لا عملآ فنيآ عظيمآ.
انظرْ إلى طريقة تشكيله لليد، أو إلى طيّات الثوب الدقيقة. كان ليوناردو جادّآ في الملاحظة المتأنيّة للطبيعة، إلّا أنّه لم يَعُد مجرّد خادمآ مُخلِصآ لها. جاء وقت حقّق فيه العالِم العظيم ليوناردو بعض أحلام ومخاوف الرّسامين الاوائل، لقد عرف التعويذة التي يمكن لها أن تُثبت الحياة في الألوان التي تبسطها فرشاته السّحريّة .
.......
* أستاذ قسم الفلسفة جامعة دمشق
سوريا