آخر الأخبار :

بين انتفاضة كوريا والشعوب العربية ثمة شبه

صدام كعبابي
صدام كعبابي
2019/11/29 الساعة 07:04 مساءً

 

في المقارنة بين انتفاضة الثامن عشر من مايو  للشعب الكوري الجنوبي لأجل الديمقراطية عام ١٩٨٠ ونضال الشعوب العربية اليوم أوجه شبه عديدة وتفاصيل قريبة تكاد تكون نفسها. 

” بدأت انتفاضة الثامن عشر من مايو الكورية الجنوبية في غوانغجو عندما تجمع الطلاب المتظاهرون أمام المدارس المغلقة وجامعة تشونام الوطنية وتعرضوا للضرب والمطاردة من قبل المظليين. أعاد الطلاب تجميع صفوفهم وبدأوا يسيرون إلى منطقة وسط المدينة، وتحركت قوات المظلات مرة أخرى وبدأت في ضرب واعتقال المتظاهرين فضلاً عن المتفرجين.

بدأ المواطنون العاديون الانضمام إلى المظاهرات بعد أن أغضبتهم وحشية القوات الحكومية. وبعد يومين، توجه سائقو سيارات الأجرة إلى وسط المدينة، وشاركوا بالاحتجاج عن طريق تشغيل أبواق السيارات والمصابيح الأمامية. وفي فترة ما بعد الظهر، أحرق المتظاهرون استوديوهات هيئة إذاعة مونهوا، بدعوى أنها أذاعت تقارير مشوهة عن الانتفاضة. وفي 21 مايو (أيار)، أطلق المظليون النار على حشد من الناس تجمعوا للمطالبة باعتذار عن الضرب والاعتقال الذي جرى في الأيام السابقة. ونتيجة لسفك الدماء، بدأ المتظاهرون بتسليح أنفسهم، وتشكيل قوة دفاعية تسمى «جيش المواطنين».

فصلت السلطات غوانغجو عن بقية البلاد وسحبت القوات إلى حدود المدينة، وعند فجر اليوم التاسع، انتقل جنود المظليين والجنود النظاميون إلى المحتجين الذين تجمعوا عند المقر الحكومي للمقاطعة، وهجم الجيش على المتظاهرين، إذ استخدمت قوات تشون العسكرية الدبابات وناقلات الجند المدرعة وطائرات الهليكوبتر، ولم تستغرق عملية الإبادة أكثر من ساعة ونصف. وقُتل كثيرون بالرصاص الحي وتعرض آخرون للضرب حتى الموت،  وقدرت التقارير الحكومية عدد الوفيات بـ200 شخص ولكن أكدت التقارير غير الرسمية تراوح عدد القتلى الفعلي من ألف إلى ألفي شخص“.

كان لسائقي سيارات الأجرة دور فعال ومحوري في نجاح الانتفاضة الكورية حينها وقد استخدموا سياراتهم في إسعاف المصابين وإنقاذ المتظاهرين العالقين من بين الرصاص.

وفي حادثة أسطورية وبالتضحية بأنفسهم ومركباتهم استطاعوا أن يضمنوا فرار  الصحفي الألماني الراحل ويرغين هينزفيتر من ملاحقة السلطات له بعد اكتشافه وهو الصحفي الوحيد الذي استطاع التسلل لمدينة غوانغجو ونقل الصورة الحقيقية للمجزرة وللمأساة التي حدثت للمتظاهرين حينها بعد أن تمكنت السلطات من تضليل الرأي المحلي والعالمي إعلاميا وعزل مدينة غوانغجو تماماً عن العالم.

وكما يحدث اليوم في العراق فإن دور سائقي التكاتك لا يقل أهمية أو تضحية عن دور سائقي سيارات الأجرة أثناء انتفاضة الثامن عشر من مايو الكورية الجنوبية التي شكلت محوراً فارقاً ومفصلياً وبسببها أصبحت كوريا الجنوبية ما عليه اليوم، وهم يحملون نفس الروح المتقدة والعزيمة التواقة للانتقال بالعراق إلى النظام الديمقراطي في العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، رغم القمع الشديد الذي يتعرضون له مع المتظاهرين والمجازر الكبيرة التي ترتكبها السلطات في حقهم والتضليل الإعلامي ومحاولة خلط الأوراق ونقل صورة مغلوطة عن نوايا الانتفاضة السلمية في هذا البلد العربي العظيم.