اليمن .. عندما يكون الجوع خيانة عظمى !!

عبدالفتاح الحكيمي
عبدالفتاح الحكيمي
2019/06/30 الساعة 07:05 مساءً


 مشهد  انساني مرعب ومثير , ساحته اليمن بكل مناطقها وجهاتها , حوادث بشعة  تفوق التصور وقصص الخيال ,  اناس ينتحرون  اويقتلون أولادهم فلذات اكبادهم بوسائل مقززة شتى  في مشهد موت جماعي مخيف للعائلات , والحوثيون في مناطقهم يصادرون لقمة العيش من أفواه الجائعين  ويمنعون حقهم في المعونات الغذائية الضئيلة,  بعد أن صارت المجاعة من الأسرار الوطنية , والكشف عنها خيانة عظمى وتقديم احداثيات واسرار لدول للعدوان ..
 وبحسب التقارير الاممية الأخيرة فالحوثيون ينهبون المساعدات الغذائية ويبيعونها في الاسواق لدعم المجهود الحربي وتقاسم الفائض بين قياداتهم , ثم يقدمون بها  كشوفات وهمية مزورة عن وصول المساعدات الى مستحقيها الذين نفاجأ بنعيهم الجماعي  في اليوم التالي.
المضحك أن المنظمات الدولية تعلن مؤخرا عن تفشي المجاعة في اليمن بينما الناس قد وصلوا  الى مرحلة الموت والانتحار الجماعي من قبل ذلك بكثير.
وإذا لم يقتل الجائع نفسه في الشمال او الجنوب فإنه قد يقتل غيره  او يرتكب  افعالا مخلة شنيعة أخرى ,  وما أكثر الجرائم الاجتماعية على أيامنا في كل مكان من السرقة الظاهرة والباطنة والقتل وتفشي ظاهرة الاتجار بالمخدرات وبيع الأجساد المضطرة لمواصلة حياتها وغيرها.
 واسألوا كذلك   عن أحوال الشبان  الذين اضطروا حتى  إلى الردة عن الإسلام والعقيدة واعتناق المسيحية مقابل 100 دولار أمريكي .. ومنهم طلاب خارج البلاد  لا يجدون مصاريف التعليم كما حدث في اثيوبيا .. فكم هو الفقر والجوع كافر ومدمر لكل القيم. 
عندما رفض أحد المسنين في ذمار قبل يومين ترديد الصرخة الحوثية الشهيرة اعتقلوه , ولكن عندما يصرخ الملايين من قسوة الجوع والفقر فإنهم عملاء ومرتزقة لقوى خارجية لا يستحقون الحياة.
بلغ العوز المدقع في صنعاء ونواحيها في رمضان  الى أن يقف الناس طوابير طويلة من أجل نصف كيلو تمر او دقيق واسألوا أحد زملائنا الصحفيين المحترمين الذين تصدروا هذا العمل الخيري  , او ذلك المحامي  الذي لم يستطع في شهر الرحمة والمغفرة أن يجمع أكثر من 50 الف ريال فقط لكسوة 10 أطفال يتامى.
الانتحار العائلي الجماعي في المناطق المحرحرة ايضا من وطأة الفقر دفع بأحد أبناء كرش قبل فترة   الى التخلص من حياة 4 من أولاده بصنارة حديد أثناء نومهم , ثم تخلص من نفسه بعدها , كان للتو عائدا من أحد مراكز توزيع المعونات (العدائية) الذي صدمه بكثرة المماطلة والمواعيد .. 

وليست وقائع أقدام شخص في ابين او اب وعمران   على قتل أسرته بطرق مشابهة ببعيد.
في عدن مثلا تحايلت بعض المراكز على معونات الغذاء الاماراتية بزعم اقتصارها على اسر الشهداء والارامل , وهي خدعة لمحسوبين على المجلس الانتقالي الذين ارسلوا معونات الأسر العدنية الى قراهم , او باعوها في الاسواق , ولا أحد أحسن من غيره مع فارق ان كابوس الفقر في صنعاء والشمال مرعب ومخيف , وهو أقل في محافظات الجنوب , ربما لتفاوت تعداد السكان.
العائلات تنتحر في مشهد موت جماعي مروع والحوثيون ينظمون تظاهرات ضد برنامج الغذاء العالمي لرفض معونات الأغذية بعد أن سحبت  من تحت أقدامهم صلاحيات التوزيع والتصرف بها لحسابهم الخاص.
 سلطات صنعاء وعدن منهمكة بتعداد أرباح ومكاسب الحرب ومضاعفة ارصدتها المالية  وتتحاشى مجرد سماع أنين  وصرخات الفقراء والمحتاجين ومكابدتهم .
 وكثيرون من المقتدرين بعد كل هذه الفجائع يشعرون أيضا بالندم والالم أنه  كان بمقدورهم العون دون أن يصل هؤلاء الفقراء اليائسين  الى مرحلة الانتحار او الموت .. ويحتاج  كل منا هذه الأيام العجاف  الى تلمس احتياجات ومعاناة أقاربه ومعاريفه وحتى من لا يعرفهم أيضا , ففي ذلك تصان أرواح وتحيا نفوس ويتجدد امل.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.