ذات يومٍ
تخيَّلتُ بيتي بلا نافذة
لا هواءَ يصافحني
لا نسيمَ يقاسمني زَبَدَ اللحظاتِ وسُكَّرَها
لا نجومَ
إذا فاض دلوُ الهمومِ
يقاسمني ضوؤها حيرتي واغترابي
ولا شجرٌ
كي أقولَ لأغصانهِ القاحلاتِ
سيأتي الربيع غداً.. فاستعدي.
تخيَّلتُ
أن السماءَ ستمطرُ بعدَ قليلٍ
وبي ظمأٌ طاعنٌ
لنْ يمر ببالِ الغيومِ
لأن النوافذَ هنَّ شفاهُ البيوتِ
وأعينُ سكانها.
وتخيلتني أتسلَّقُ
سورًا من العزلةِ الأبديةِ
سقفي عَماي وعيناي عكازتانِ..
كأني ضريحٌ بلا شاهدٍ
لا بيوتَ أطل على صمتها
وأخمنُ مَن نام من أهلها جائعًا
أو حزينًا
ومن نام مختلسًا حفنةً من سرورٍ
ومن سهرتْ
لتفتش عن قُبلةٍ
نسيتها شفاهُ الحبيبِ البعيدِ
على معطفٍ
علَّها أن تضيءَ
قناديل أشواقها المطفآتِ
فغيرُ النوافذِ
من سيقولُ لنا كل هذا الكلام؟
مساءٌ هو الآن ما لا أرى؟
أم ضحى؟
لست أدري!
وهل يعرف البحر لولا السواحلُ
أشكال زوارهِ؟
والشوارع لولا نوافذها
ما أعتراها فضولُ الخُطى.
أنا الآن شُباكُ أسئلةٍ
مُشرعٌ في الظلامِ
لماذا؟ وكيف؟ متى؟
وكأن الحياةَ مغامرةٌ بين نافذتينِ
كأن الظلال نوافذ أجسادنا
والخيال نوافذ أعمارنا
بيديه نُسرحُ شعر الغياب
وقد هجرتنا رياحُ الشمالِ
ولولاه ما أبصرت غير ما نشتهيه الظنون.
لقد عبرتْ بي
إلى ردهةِ العيشِ نافذةٌ
دون علمي
ولم تلتفتْ لانتحابي
وثمةَ نافذةٌ
آاااه لو أنني
قبل أن يستعد سواي
لتسويرها بالدموع
ويُحكمُ إغلاقها
أستطيع الهربْ.
...
15 مايو 2023م