الحوثي .. بين اعترافات الوالي وتأرجح الانتقالي!

عبدالفتاح الحكيمي
عبدالفتاح الحكيمي
2021/10/12 الساعة 06:42 مساءً

 

 

باختصار شديد يقول الدكتور عبدالرحمن الوالي لماذا لا يحصل أِعتراف متبادل بوجود الآخر وسيطرته على الأرض, فيعترف الانتقالي بالحوثي والعكس.

 

تذكرت قهقهة صديقنا الأستاذ عبدالله الحضرمي رئيس تحرير صحيفة اليمن اليوم لسان حال الزعيم صالح بعد تمكين الحوثيين من صنعاء في اليوم الأول الذي دخلوها وأنه لم يعد بالإمكان تحجيمهم.

 

قليلون كانوا يدركون أن قوة صالح العسكرية المتبقية لا يركن عليها في استعادة السلطة من الحَوَثة.

 

ويأتي اقتراح الدكتور الوالي كمن يستبق فاجعة أو طامة كبرى.. واعتراف بمأزق ما إذا تمكن الحوثيون من مأرب لا سمح الله .. فأين موقع ألأنتقالي بعدها والطريق أسهل نحو الجنوب ؟؟.

 

فما كان من تنسيق إيراني بين بعض فصائل حراك الجنوب والحوثيين قبل ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ م في حكم المنتهي, وكل تسهيلات غير مباشرة قدمها ألأنتقالي للأنقلابيين في صنعاء لاحقاً ينظر لها الحوثيون وفق عقليتهم الأستعلائية ليست أكثر من واجب خدمة العبد لسَيِّده لا أكثر.. وأي حسن ظن ونوايا تجاه هؤلاء لا تعدو أكثر من سذاجة الحسابات وغباء سياسي.


يؤكد طرح الوالي بشأن الإعتراف المتبادل بين ألأنتقالي والحوثيين على عدم قدرة الأول في خوض مواجهة عسكرية لمنع الثاني من اجتياح  الجنوب, ولكن ليس على طريقة الملكة بلقيس التي قال لها جندها(( نحن أولو بأس شديد)) ولكن على طريقة(لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده) وعلى طريقة شيخ القبيلة الخائف على سلطته في قومه فقط.


وقد سمع الدكتور العزيز عبدالرحمن الوالي الكثير من غزَل وهمسات وكلام الحوثيين المعسول تجاه ألأنتقالي, آخرها استماتة محمد البخيتي محافظ ذمار في الدفاع عن مجلس ألأنتقالي ضد حزب الإصلاح وكأنه ناطق ألأنتقالي الرسمي.


وما قاله عيدروس الزبيدي قبل فترة بعد زيارة موسكو عن سيطرة الحوثيين على الشمال والأنتقالي على الجنوب وكأنه تقاسم سلطة وترسيم حدود لم يصمد لاحقاً أمام خطابات تحشيد عبدالملك الحوثي لتحرير الجنوب من مسمى الإحتلال ووصف ألأنتقالي الدائم بالأنفصاليين والمرتزقة, ما يعني على أحسن تقدير حكم أي فصيل للجنوب في إطار واحدية الجغرافيا اليمنية ورعاية الحوثة.

 

* استعلاء الحوثيين *

لا يحتاج الحوثيون لمجلس ألأنتقالي ولا لمليشياته إلا كونها عامل أذى وتعطيل للشرعية وقواتها كما حصل في آل حميقان البيضاء من قطع إمدادات المقاومة ضد الحوثيين بنتائجه الأنعكاسية بتهديد حاضنة ألأنتقالي في يافع نفسها!!.

 

ولأن رهان ألأنتقالي والحوثي المشترك ظل دائماً على تفكك قوى حلفاء الشرعية في الداخل والخارج فإن مكونات ألأنتقالي المسلحة تعاني حالياً ذات المعضلة والمأزق من التفكك حال تفكير قادتها بمواجهة ما أو التماسك في مواجهة تمدد الحوثي العسكري لاحقاً, فيما الأكثر صواباً هو التحشيد الجنوبي-الجنوبي من الآن والأنخراط في دعم معارك الشرعية في مأرب ضد الحوثي وليس انتظار استنزاف مؤخرة الجيش الوطني في معسكرات حضرموت وشبوة في معركة مأرب وانقضاض مليشيات ألأنتقالي والفوز بالتركة لاحقاً كما يتمنون!!.


لا تفرق قيادات ألأنتقالي السياسية بين الواقع وبين الأمنيات, وسوف يترحمون على أيام عبدربه منصور هادي الذي أعطاهم أكبر من حجمهم بعد ٢٠١٥م وفي اتفاقية الرياض التي لم يرعوها حق رعايتها وخذلتهم الجماهير على صبيانية أدائهم الحكومي القاتل بعد أن أغلقوا المدارس والمحاكم, وهم شركاء سلطة أو(سَلْتَة).


فالمشروع الحوثي السلالي في الحكم تاريخياً مشروع إخضاع واستعباد للجغرافيا والبشر, ومن يعتقد أن عاصمته مكة المكرمة لن يتخلى عن فردوس عدن وساحل حضرموت والمندب ليغلق على نفسه بالرتاج والملازم وينام.


ولأعتبارات وجودية استراتيجية إذا سيطر الحوثيون على( يمن الداخل) فلن يتركوا لغيرهم حكم(يمن الساحل) وهي المعركة الأشرس التي لم تبدأ بعد ولن تحسم بسهولة.
كما لا تعتقد قيادة مجلس ألأنتقالي إن تراجع موازين القوى النهائي إذا حدث لغير صالح الشرعية اليمنية سوف يؤهل غيرها(ألأنتقالي بالذات) كبديل, كما أن ذلك لن يؤهل الأنقلابيين الحوثيين للتحكم باليمن بشروطهم.


لعل المناسب للأنتقالي الأنخراط في أسناد المجهود العسكري لجيش الشرعية وربط مصيره السياسي بها لا بالحوثيين الذين لايعترفون بأي وجود او حقوق لغيرهم من القوى والمكونات, ولا بحقوق الفئات الإجتماعية غير المنتمية لسلالتها.


وإذا كان عدم التوافق بين أهداف ألأنتقالي الاستقلالية والشرعية بنسبة ١٠٠% فإن تناقض وتعارض مشروع الانتقالي×الحوثي مليون%.


أما ما يعتبره البعض رهاناً على علاقة قديمة برعاية إيرانية بين الحوثيين وفصيل في مجلس ألأنتقالي فلا يعدو كونه تكتيكاً من الماضي نشأ لتقوية وجود إيران الضعيف حينها في المنطقة, لم تعد بحاجة إليه ولا الحوثيون أيضاً, وتجاوزته المقذوفات الباليستية والطائرات المسيرة المتفجرة التي زعم ألأنتقالي ليلة أمس إن إحداها حلقت فوق مقر قيادته في التواهي بعدن !!.

 

وفي حدود دائرة المحادثات الإيرانية السعودية الحالية المغلقة بشأن أزمة وحرب اليمن   سوف تكتفي طهران بجس نبض الرياض وتتنصل من أي التزامات قبل أن يحسم حلفاؤها معركة مأرب المصيرية لصالحهم كما يتوهمون, أو إلى الدرجة التي قد تقتنع معها السعودية بعدم فاعلية قوات جيش الشرعية والمقاومة على الأرض على الرغم أن استهدافات الحوثيين للمملكة القادمة لن تكون أكثر مما حدث, وحسم الأنقلابيين مأرب لصالحهم سيعني دخول المجتمع الدولي كله على خط تقرير ما يجب عمله في المعركة على حزام الساحل الطويل أو ترك منطقة بحر العرب والمحيط الهندي والبحر الأحمر وباب المندب والقرن الإفريقي لإيران وقنبلتها الموقوتة(ألحوثيون)!!.


ولا يبدو باستطاعة الأنتقاليين وضع مطالبهم السياسية ضمن اهتمامات مباحثات طرفي طهران-الرياض أو اعتبارها أولوية إلا في إطار الشأن اليمني الداخلي ككل في أحسن الأحوال.. وسينظر إليها الحوثيون بأدنى اكتراث لجهة أن التعاطي مع فك ارتباط الجنوب يضعف مصداقيتهم عند جماهير الشمال ويتعارض مع نزعة وطموحات الهيمنة على الثروات والمقدرات وأخضاع البشر والحجر.

 

ولم يحقق مجلس ألأنتقالي أي تقاربات مع السعودية في تطبيق الشق العسكري والأمني من اتفاقية الرياض لاحتمالات ما بعد لعبة المباحثات السعودية الإيرانية إلا غرابة تمسكه بمنطق(حبتي وإلا الديك) وبالرهان على وهم احتمال تلاشي قوات الشرعية بين عشية وضحاها هنا أو هناك واحتفاظه بتشكيلاته في عنفوانها.


وعندما يذبح الجميع بما فيهم ديك ألأنتقالي سوف نكتشف إلى أي مدى أضاع البعض أنفسهم على قارعة المستحيل حين جاءتهم بعض الحلول الواقعية جاهزة مجاناً وبأكثر مما لهم.


ولا يزال البعض يصدق حكاية صاحب الفيديو المسكين الذي قال قبل عامين: على أخوتنا الشماليين أن يتمسكوا بسيدهم ومولاهم عبدالملك الحوثي, ونحن في الجنوب سوف نقف خلف مولانا وقائدنا عيدروس الزبيدي حفظه الله).