رسالة من مواطن يمني إلى الرئيس بايدن

د. عادل الشجاع
د. عادل الشجاع
2021/07/27 الساعة 05:19 مساءً

 

 

 

السيد بايدن.. رئيس الولايات المتحدة الأمريكية..
لقد أعلنت في خطابك في وزارة الخارجية الأمريكية في الرابع من فبراير ٢٠٢١، عن الحاجة إلى إعادة بناء التحالفات الأمريكية واستعادة الولايات المتحدة لدورها القيادي في العالم واحتلت اليمن جزءا كبيرا من خطابك ، فقد دعيت إلى إنهاء الحرب في اليمن فعليا ووضع حد ل"الدعم" ول"مبيعات الأسلحة الأمريكية" للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، لكنك لم تتحدث عن الدعم الإيراني للحوثيين بالأسلحة وبنقل التكنولوجيا العسكرية لهم، كما صرح بعض القادة الإيرانيين بذلك، وقلت إنك ستكثف الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن، وهي حرب تسببت في كارثة إنسانية واستراتيجية وشددت على دعم إدارتك مبادرة بقيادة الأمم المتحدة لغرض وقف إطلاق النار في اليمن واستئناف محادثات السلام، لكنك أغفلت من صنعوا هذه الكارثة الإنسانية وما زالوا يغذونها..

وقلت إنك ستنهي كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في الحرب الدائرة في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة، لكنك لم تشر إلى الجهات التي تسهل وصول الأسلحة إلى الحوثيين وهي دول معروفة لدى الولايات المتحدة الأمريكية..

بهذا الخطاب أعتقد الكثيرون في اليمن وربما في أماكن أخرى بأن قواعد اللعبة على وشك أن تتغير، خاصة بعد أدائك اليمين الدستورية في ظل الفوضى التي كادت أن تقضي على تجربة الولايات المتحدة الأمريكية الديمقراطية، وظنوا أن ذلك سيكون حافزا لك في رفض الانقلاب الذي قامت به عصابة في اليمن تدعي حقها الإلهي في الحكم، ونحن إذ نذكرك فيما لو مضى الانقلاب في أمريكا إلى غايته، كما فعلت عصابة الحوثي الإرهابية في اليمن والتي أنهت ٣١ عاما من الديمقراطية والتعددية السياسية وعادت بالبلاد مجددا إلى الحكم باسم الله بعيدا عن الإرادة الشعبية..

لقد اعتقد اليمنيون أن دعوتك إلى السلام في اليمن تقوم على أساس حماية القانون الدولي الذي تعتبر بلدك حامية له بحكم موقعها في مجلس الأمن الدولي، واعتبروك بطلا للأفكار الجديدة التي تبشر بإنهاء الحرب وإحلال السلام، جاءت تلك القناعة من كون بلدكم ملزمة بسياسة خارجية تتمحور حول الدفاع عن الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، بل أنكم التزمتم بإنهاء الحرب في اليمن، لكن الهوة تتسع بين تصريحاتك والواقع على الأرض..

السيد الرئيس..
إن حديثكم عن تنظيم القاعدة وداعش يعد حديثا عن المجهول، وتغييب المعلوم المتمثل بالحوثي الذي دفع باليمن إلى الفوضى واستدعى تدخلا خارجيا تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وكان اليمنيون يتوقعون أن تسارع إدارتكم إلى التأكيد على إرهاب هذه الجماعة وليس إلى تبرئتها وإخراجها من قائمة الجمعات الإرهابية، فالأولى بإدارتك أن تشارك اليمنيين تجربتهم الديمقراطية وليس الدفع بهم إلى أحضان الإرهاب الحوثي، حتى أصبح المواطن اليمني يتحدث عن التاريخ السيئ في استخدام الديمقراطية كعقاب ضد الشعوب التي تمارسها، خاصة مع السماح للحوثي بالترويج النشط لنموذجه الاستبدادي.

السيد الرئيس..
إننا نطالبك بأمرين: بالوفاء بوعودك في إحلال السلام في اليمن، وفي دعوة إدارتك إلى استخدام نفوذها الدبلوماسي والسياسي لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، ولا يخفى عليكم أن الذهاب إلى السلام في اليمن يقتضي أن تستعيد أمريكا دورها التاريخي في مساندة التحول الديمقراطي في اليمن.. وعليك أن تستفيد من أخطاء من سبقوك الذين ساعدوا على تقويض التجربة الديمقراطية في اليمن وساعدوا على توسيع قاعدة الفوضى وكافأوا الجماعات التي تنتهج الفوضى..

إننا نطالبكم بتحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية التي أساءت إلى مصداقيتها الإدارات السابقة والتي وقفت إلى جانب الجماعات المتعصبة على حساب الديمقراطية، وعليك ألا تقع في فخ الفزاعة الداعشية التي تروج لها عصابة الحوثي الإرهابية وبعض دول التحالف العربي، فلا أحد يمارس منع الحداثة في اليمن سوى الحوثيين، ولا أحد يحرم اليمنيين من حريتهم وينتهك حقهم الإنساني سوى عصابة الحوثي..

إن الطريق إلى السلام واضح لا لبس فيه، فهو يمر عبر الإرادة الشعبية التي تقوم على الحرية والكرامة والحقوق المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، ولا يمكن للسلام أن يتحقق باستخدام القوة ولا بمصادرة إرادة الشعب ولا بالادعاء الإلهي، ولهذا فالشعب اليمني يتطلع إلى اليوم الذي ينعم فيه كغيره من شعوب العالم بالحرية والديمقراطية واحترام حقوقه المدنية والسياسية والإنسانية واختلافه مع الحوثيين ليس خلافا سياسيا، بل خلافا وجوديا، يتعالى عليهم سياسيا بأنه يملك وصية من الله لحكمهم بالقوة، ويتعالى عليهم دينيا بأنه لا يصح إسلام اليمنيين إلا باتباعه، ويتعالى عليهم اقتصاديا بأخذ الخُمس من كل ما يملكون، ويتعالى عليهم اجتماعيا بملابسه المختلفة عن ملابس اليمنيين، ويتعالى عليهم جينيا بأنه يعتبر جيناته أنقى من جينات اليمنيين، ولهذا سيظل اليمنيون يقاتلونه حتى لو احتشدت معه أمريكا وإسرائيل والعالم أجمع..

السيد الرئيس..
إن الشعب اليمني يحدوه الأمل في أن تفي بوعودك في إيقاف الحرب في اليمن وأن تقرن الأقوال بالأفعال وأن تظهر التزامك الواضح باستقرار اليمن، لأن استقرار اليمن هو جزء من استقرار المصالح الأمريكية والعالم، وندعوك إلى التركيز على دعم مسيرة التحول الديمقراطي فهناك جيل من الشباب مستعد للعمل من أجل أن ينعم شعبه بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهم يتطلعون إلى تبني قرار من مجلس الأمن الدولي بتسليح الجيش اليمني وتدريبه ليكون قادرا على حماية الأمن المحلي والدولي، ويدعو إلى إعمار اليمن على وجه السرعة ومعاقبة كل من يرفض الاحتكام إلى إرادة الشعب اليمني، فتلك هي السبيل إلى السلام ووقف الحرب في اليمن، ونحن على ثقة بأن دعوتنا هذه ستجد استجابة من قبلكم..

المواطن اليمني: عادل الشجاع